الشباب والتوبة النصوح
يتصور بعض الناس أن تشريع التوبة والدعوة إليها إغراءً بارتكاب المعاصي، وتحريضاً على ترك الطاعة .
ولكن هذا التوهم باطل ، فإنه لو كان باب التوبة موصداً في وجه العصاة ،
واعتقد المجرم بأن العصيان لمرة واحدة يدخله في عذاب الله ، فلا شك في أنه
سيتمادى في اقتراف السيئات وارتكاب الذنوب ، معتقداً بأنه لو غير حاله إلى
الأحسن لما كان له تأثير في تغيير مصيره ، فلأي وجه يترك لذات المحرمات
فيما يأتي من أيام عمره ؟ .
وهذا بخلاف ما لو اعتقد بأن الطريق مفتوح والمنافذ مُشرعة ، وأنه لو
تاب توبة نصوحاً ينقذ من عذابه سبحانه ، فهذا الاعتقاد يعطيه الأمل برحمة
الله تعالى ، ويترك العصيان في مستقبل أيامه .
فكم وكم من الشباب عادوا إلى الصلاح بعد الفساد في ظل الاعتقاد بالتوبة
، فإنهم لولا ذلك الاعتقاد لأمضوا لياليهم في المعاصي ، بدل الطاعات .
فنرى مثلاً في التشريعات الجنائية الوضعية ، قوانين للعفو عن السجناء
المحكومين بالسجن المؤبد إذا ظهرت منهم الندامة والتوبة ، وتغيير السلوك .
فتشريع هذا القانون سيكون موجباً لإصلاح السجناء ، لا تقوية روح
الطغيان فيهم ، فالإنسان حيٌّ برجائه ، ولو اكتنفه اليأس من عفو الله
ورحمته لزاد في طغيانه ما بقي من عمره .