منتدى العنانى دوت نت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى العنانى دوت نت



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخولfacebook

 

 مأسسة الفتوى.. تقنين أم احتكار

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
العنانى
مدير عام
مدير عام
العنانى


ذكر
عدد الرسائل : 1403
العمر : 40
الموقع : مصر
العمل/الترفيه : اعمال حره
تاريخ التسجيل : 03/06/2008

مأسسة الفتوى.. تقنين أم احتكار Empty
مُساهمةموضوع: مأسسة الفتوى.. تقنين أم احتكار   مأسسة الفتوى.. تقنين أم احتكار Icon_minitimeالخميس يونيو 05, 2008 7:18 am

إذا كان الأصل في الفتوى ألا تقيد بقيود، ولا تخضع لتنظيم أو تقنين، بحيث تسند إلى أشخاص بالتعيين من قبل السلطة، بل شأنها أن تبقى مرسلة، يتصدى لها كل من آنس من نفسه القدرة على إفتاء الناس فيما يعرض لهم.

وإذا كانت الفتوى في المشرق العربي عموما قد أخضعت للتقنين، واعتُبرت وظيفة رسمية ومنصبا من مناصب الدولة، فإنها في المغرب، إلى وقت قريب، ظلت مطلقة من كل قيد، فلا تحجر على المفتي، ولا تدخل في شئونه من طرف السلطة، فكل من أحرز درجة من العلم تؤهله لأن يرتقي هذا المقام له أن يفتي الناس بما يراه، ولعل هذا ما يفسر سبب ازدهار الفتوى تاريخيا في المغرب.

لكن تزايد أهمية وظيفة الإفتاء، باعتبارها أبرز موجه لحركة المجتمع الإسلامي، وبالنظر إلى خطورتها وتعاظم تأثيراتها على أكثر من مستوى، أدى إلى ضبط وتقنين عملية الإفتاء، كرد مباشر على الصدور المطرد للفتاوى ارتباطا بالعديد من القضايا الوطنية والدولية، وهي الفتاوى التي لم تعد تقتصر على المعاملات اليومية والاعتيادية، بل صارت تتعارض مع مصالح الدولة.

وهكذا أصبح الضبط الديني يقوم على بعد احتكاري يتجسد في إنهاء مشاعية الفتوى، حيث أضحى الإفتاء لا يتم إلا عن طريق إمارة المؤمنين أو ممثلي الإسلام الرسمي المعينين بظهير شريف.

لكن أليس من شأن هذه الاعتبارات والمرتكزات المعتمدة لتبرير عملية احتكار الفتوى، النيل من خصوصية عملية الإفتاء واستقلاليتها عن باقي الجهات باعتبارها وظيفة مرسلة يتصدى لها من آنس في نفسه القدرة والكفاءة على إفتاء الناس؟

ثم أليس من شأن مأسسة الإفتاء الحؤول دون إفتاء المقتدر من المجتهدين؟

احتكارية الفتوى وضبط الحقل الديني

لا شك أن إصدار الفتوى التي من الممكن أن تهدد استقرار البلاد، وتؤثر على المصلحة العليا للوطن يتطلب خضوعها للمؤسسات الدستورية، ومن هنا الحاجة الملحة إلى احتكارية الفتوى وضبط الحقل الديني، ذلك أن الإفتاء يعني بالنسبة للإنسان المسلم مشروعية الفعل وإمكانية للإقدام عليه؛ ولذلك كانت النتائج القيمة تترتب على الفتاوى الصحيحة، كما أن نتائج أخرى وخيمة كانت تترتب على الفتاوى الخاطئة التي يصدرها غير المؤهلين علميا.

واعتبارا لخطورة الفتوى وما تمثله من مشروعية الفعل فقد كان منطقيا أن تضبط ضبطا لا يحجر على المفتي المقتدر، وإنما يصون مجالها من أن يخترقه من ليس أهلا له،فيسيء به إلى المجتمع، وبالتالي فضبط "خطاطة الإفتاء" (التخطيط له)يجب أن يظل منضبطا بمقصدية هذا الأمر المتمثل في حماية مجال إصدار الفتاوى حتى لا يتعرض لها من ليس أهلا له.

لكن دون أن يؤدي أمر مأسسة الإفتاء إلى إقصاء المقتدر من المجتهدين من التصدي للفتوى، حتى لا تصبح آلية الإفتاء مجرد أداة في يد السلطة السياسية لإضفاء الشرعية على ممارساتها خارج أي ضوابط شرعية.
فلاشك أن عملية إصدار فتاوى دينية تكون في جانب كبير منها تلبية لحاجات الأفراد الحريصين على أن تكون تصرفاتهم منسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية، لكن الأكيد أيضا أن هذه العملية في إطار نظام سياسي معين تستهدف بالتبعية إلى شرعنة العمل السياسي والاختيارات الاقتصادية والاجتماعية لهذا النظام السياسي أو ذاك.
وعلى غرار باقي الأنظمة السياسية الإسلامية كانت الفتوى في المغرب على سبيل المثال دائما ذات أدوار مزدوجة، من جهة تحقيق الوظيفة الدينية، ومن جهة أخرى ذات بعد سياسي من خلال توظيف الفتوى في عملية تحريك المخيال الاجتماعي للمواطنين، سواء من أجل العمل على إنجاح بعض اختيارات السلطة السياسية، أو العمل على إفشال كل ما هو مضاد لهذه الاختيارات.
مدى أحقية الخليفة في الإفتاء
وحين نتحدث عن وظيفة الإفتاء فلا شك أننا نتحدث عن اختصاص يدخل ضمن مجالات اختصاص العلماء، ومعلوم تاريخيا أن السلطان كان يلجأ إلى التأكيد من عدم تناقض مهامه الزمنية وواجبات الإمامة، من خلال التقليد المتمثل في طلب فتوى العلماء في شأن مبادراته التشريعية.
ومن هنا يطرح التساؤل حول مدى أحقية الخليفة في الإفتاء في أمور الدين؟
في الواقع إن الحديث عن ميدان إصدار الفتوى أو مجال التشريعي يقتضي منا التمييز بين مفهومين للتشريع: التشريع الإسلامي، والتشريع الوضعي، حتى يتسنى لنا تحديد الدور الحقيقي للعلماء؛ ومن ثم الجواب عن السؤال أعلاه، فالتشريع الإسلامي بما يشمله من عبادات ومعاملات وأحوال شخصية، كان مجالا محفوظا للعلماء وحدهم، أما التشريع الوضعي الذي نجد مادته في الظهائر، فإن دور العلماء إزاءه كان دستوريا وليس "تشريعيا".
وهكذا يتضح أن دور العلماء كان مزدوجا: فهم يشرعون مباشرة في أبواب الشرع التقليدية، أما ما دون ذلك من شئون الدولة، فقد كان في الحقيقة من اختصاص السلطان الذي يشرع فيه بواسطة ظهائر، ولكن مع ضرورة استشارة العلماء، أي أن دور العلماء فقد كانت له طبيعة رقابية بالأساس من خلال إصدار الفتاوى وإبداء الرأي الفقهي حول مدى ملاءمة الأعمال والتصرفات السلطانية مع الشرع الإسلامي، وفتوى العلماء في هذا الصدد كانت شبيهة بما يسمى اليوم بالرقابة على دستورية القوانين.

وحول مدى أحقية الخليفة في الإفتاء في أمور الدين يرى الدكتور عبد الرزاق السنهوري عدم جواز ذلك، بل إن ذلك من اختصاص المجتهدين وحدهم؛ لأنهم هم الذين يدرسون العقائد ويشرحونها، ولا يجوز للخليفة أن يكون له دور في هذه المسائل إلا إذا كان مجتهدا وبهذه الصفة لا بصفته خليفة أو حاكما.

وأهمية ذلك أنه لا يكون له أفضلية أو أولوية على غيره من المجتهدين، وعلى العموم فإنه يعد من المجتهدين الآخرين ليس لهم سلطة روحية تمكنهم من فرض آرائهم على الناس، بل إن مهمتهم علمية ودراسية محضة.

غير أن الدولة من خلال مأسسة الإفتاء، أضحت تحتكر مجال الإفتاء باعتباره مجالا محفوظا خاصا بها مع ما يعنيه ذلك من إقصاء وتحييد باقي العلماء المتواجدين في الحقل الديني والذين يشتغلون خارج المجال الرسمي، مع ما يعنيه ذلك من نزع للشرعية والأهلية عن هؤلاء العلماء، حينما يجدون أنفسهم عاجزين عن التمييز بين مجالات اختصاصهم كرجال علم ودين، وبين اختصاصات رجال السلطة.
باحث مغربي، ويمكنم التواصل معه عبر البريد الالكتروني [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://el3nany.ahlamontada.com
 
مأسسة الفتوى.. تقنين أم احتكار
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العنانى دوت نت :: الفئة الأولى :: الـــــقــسـم الـــد يــنى-
انتقل الى: